قبل ستة أسابيع من اتخاذ الرئيس دونالد ترامب لقراره حول الاتفاق النووي مع إيران، تجمع الإشارات الآتية من واشنطن على بلورة استراتيجية احتواء طهران التي تكلمت عنها إدارته منذ أكثر من سنة. يدفع ذلك بالبعض إلى تغليب خيارات المواجهة بناء على التغييرات الأخيرة في فريق عمل البيت الأبيض وعودة الصقور إلى الساحة.
صحف عربية
لا نحتاج دلائل كثيرة لنثبت أن القوى العظمى، وخصوصا الولايات المتحدة وروسيا، دول تمارس النفاق السياسي، وتعيش بالمعايير المزدوجة تبعا لمصالحها. هذا ثابت وواقع معاش، ونراه يتكرّر مرارا، خصوصا في مجلس الأمن الدولي، حيث تحتكر دول خمس حق النقض (الفيتو). وبالتالي، فإنها تعيش فوق القانون الذي وضعته هي نفسها، في حين يتم فرضه على "الصغار"، اللهم إلا من تمتع منهم بمظلة حمايةٍ من واحد من "الكبار"،كإسرائيل.
من الطبيعي ألا يؤثر طرد أكثر من عشرين دولة غربية وأوروبية ديبلوماسيين روسا على خلفية اتهام موسكو بتسميم الجاسوس الروسي (لمصلحة بريطانيا) سيرغي سكريبال وابنته، على ميزان القوى بين موسكو من جهة، ودول الغرب والولايات المتحدة الأميركية، من جهة ثانية، لكن أكبر إجراء من هذا النوع في العلاقات بين الدول يؤشر إلى الانقسام الدولي الذي يتردد الخبراء في وصفه بالحرب.
تمر البلدان العربية الثلاثة: سوريا والعراق ولبنان، بمرحلة انتقالية خطيرة تتزايد خلالها الأخطار على وحدتها وهويتها ومستقبلها بمقادير تفوق الأهوال التي تعرضت لها في السنوات الست الماضية.
ما أشبه اليوم بالأمس، وصحيح أن التاريخ يعيد نفسه، إما بصورة مأساة وإما بصورة ملهاة، والآن وقد مرّ قرن كامل على انهيار «إمبراطوريتين» هما السلطنة العثمانية وروسيا القيصرية، وكانت سبقتهما إيران الصفوية، فإن الواضح أن هناك محاولات حقّقت تقدماً بات يفرض نفسه على واقع هذه المنطقة العربية تحديداً لاستعادة ما كان قائماً قبل مائة عام، وللأسف فإن العرب، إنْ ليس كلهم فمعظمهم على الأقل، همْ من يدفع الثمن غالياً، والشاهد على هذا هو ما يجري في سوريا وفي... اقرأ المزيد
تأخرَ التدخل العسكري الروسي (2015) عن التدخل الأميركي عبر التحالف الدولي ضد الإرهاب (داعش) في 2014. كان تدخلا دبلوماسيّاً قبل ذلك ومنذ 2011، ويتطابق مع سياسات روسيا في اجتثاث الثورات في محيطها الأوراسي وعالمياً، ولتحقيق مصالحها الدولية. جاء التدخل الروسي بطلبٍ إيراني، أي بسبب إخفاق ايران والنظام في مواجهةالثورة الشعبية، واحتمال سقوطه وطرد إيران.
يبدو أن حرب الإبادة التي شنها الروس والإيرانيون ونظام بشار الأسد ضد ساكني غوطةدمشق الشرقية؛ قد أفضت إلى إجبار فصائل المعارضة المسلحة فيها على توقيع اتفاقات التهجير القسري، التي تهدف إلى إفراغ مناطق سيطرة المعارضة من المسلحين، ومن ساكنيها الذين هم الحاضنة الشعبية للثورة السورية التي انطلقت منذ سبع سنوات.
من الملاحظ أنّ هنالك عدم اكتراث أو أدنى اهتمام من قبل الإعلام العالمي والغربي بالانتخابات الرئاسية المصرية الجارية، والسبب كما تعلمون ببساطة أنّها محسومة سلفا، بل أصبحت بمثابة "نكتة سياسية" حتى مقارنة بالانتخابات في عهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك.
وصل الاستخفاف إلى مرحلة غير مسبوقة، إلى درجة أنّ منافس الرئيس عبد الفتاح السيسي يدلي بصوته لصالح الأخير، بينما يواجه من فكّروا الترشّح ضده تهما واتهامات وحملة تشويه كبيرة!
ما بعد السقوط غير الكامل للغوطة الشرقية في يد النظام السوري، بدعم روسي واضح وإسناد مليشيوي إيراني، ليس كما قبل هذا السقوط. ماذا سيفعل النظام بانتصاره على أهل الغوطة وتهجير قسم منهم من أرضهم وفي ذهنه إقامة دولة علوية عاصمتها دمشق تمتدّ إلى الساحل السوري؟
من كان في وسعه أن يتخيل، قبل سبع سنين، أن أهالي غوطة دمشق الذين كانت أرضهم خزان غذاء لسورية كلها، ومعقلاً لثوارها، في مواجهة المستعمرين والمستبدين على مر التاريخ، سيجدون أنفسهم مكرهين يوماً على أن يرضخوا لابتزاز شبّيحٍ ساديٍّ نذل، يعرض عليهم الهتاف بحياة طاغيةِ دمر بلادهم، وشرّد نصف شعبها، حتى يمنحهم جرعات ماءٍ لأطفالهم الناجين من مذابح براميل المتفجرات وصواريخ سكود وغاز السارين؟